دراسة حالة بلد - مصر: الاضطرابات السياسية ما بعد الثورة
دراسة حالة بلد حول الاضطرابات السياسية في مصر ما بعد الثورة من تقرير حقوق الإنسان والديموقراطية عن عام 2013.
تدهورت أوضاع حقوق الإنسان في مصر خلال عام 2013 نتيجة الاضطرابات السياسية. وبعد إزاحة الرئيس آنذاك محمد مرسي، وهو أول رئيس مصري منتخب ديموقراطيا، في يوليو 2013، قال وزير الخارجية ويليام هيغ بأن المملكة المتحدة لا تؤيد التدخل العسكري كوسيلة لتسوية الخلافات في نظام ديموقراطي، ودعا كافة الأطراف لتجنب أعمال العنف. وقد أعلن الجيش خارطة طريق سياسية للعودة إلى الديموقراطية، بقيادة حكومة انتقالية مدنية يدعمها الجيش.
وقد تسببت التوترات السياسية بارتفاع حدة العنف في شهر يوليو وأغسطس، وأفضت إلى تنفيذ قوات الأمن لعملية لإجلاء المتظاهرين المؤيدين للإخوان المسلمين من المناطق التي كانوا معتصمين بها في القاهرة، وأدت تلك العملية إلى سقوط حوالي 1,000 قتيل. وأصدر وزير الخارجية تصريحا أدان فيه استخدام القوة المفرطة لتفريق المتظاهرين. وفي 21 أغسطس أثار قلقه خلال اجتماع مجلس الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، وفي 9 سبتمبر أثرنا موضوع مصر في اجتماع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وواصل الوزراء المطالبة بإجراء تحقيق مستقل بشأن العمليات التي نفذت لتفريق المعتصمين، وطالب وزير الخارجية بإجراء تحقيق في مقتل صحفي بريطاني أصيب بطلق ناري يوم 14 أغسطس.
وفي شهر ديسمبر نشرت اللجنة الدستورية في مصر مسودة الدستور للاستفتاء عليه في يناير 2014. يوفر هذا الدستور حماية أفضل للأقليات الدينية والنساء. بينما يحتفظ الجيش بحق محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، رغم أن ذلك يكون في ظروف حددها الدستور بوضوح أكبر. والامتحان الرئيسي أمام هذا الدستور هو التصديق عليه وكيفية تطبيقه، حيث فيه الكثير من المواد التي بحاجة لتشريعات إضافية.
الانقسام السياسي استمر طوال الفترة التي يشملها التقرير. وفي شهر نوفمبر صدر قانون جديد حول المظاهرات يحد من حق الخروج بمظاهرة دون تصريح. وفي شهر ديسمبر أصدر مجلس الوزراء المصري قرار اعتبار الإخوان المسلمين منظمة إرهابية. وقال وزير الخارجية أن بينما أن الحكومة البريطانية لا تساند أي حزب سياسي محدد في مصر، إلا أنها تؤيد تماما وجود نظام سياسي يشمل الجميع ويسمح لكافة فئات المجتمع أن يكون لها من يمثلها، ويحترم حرية التجمع والتعبير عن الرأي.
كانت حرية وسائل الإعلام محدودة خلال حكم الرئيس مرسي. لكنها تدهورت أكثر بعد 3 يوليو. ووردت أنباء عديدة عن مضايقات واعتقالات وأعمال قمع تعرض لها الصحفيون.
ومازلنا نشدد على أن حرية التعبير عن الرأي، بما في ذلك حرية وسائل الإعلام وقدرة المواطنين على مناقشة القضايا التي تهمهم ومواجهة حكوماتهم بالنقاش، أساسية في بناء أي مجتمع ديموقراطي. وقد دعونا السلطات المصرية للإفراج عن قيادات سياسية وصحفيين تم اعتقالهم بعد أحداث 3 يوليو، ما لم تكن هناك ضدهم قضية جنائية واقعية.
وتواجه الحكومة الانتقالية تمردا إرهابيا متزايدا ينتشر إلى خارج منطقة شمال سيناء ليشمل أجزاء أخرى من مصر. وقد أدان وزير الخارجية الاعتداء الذي وقع في 24 ديسمبر في المنصورة، والذي أدى لمقتل ما لا يقل عن 16 شخصا وإصابة ما يفوق 100 شخص.
كما استمر العنف الطائفي وعدم توفير الحماية للأقليات الدينية خلال عام 2013. حيث تم إحراق 40 كنيسة وتدمير 23 كنيسة في فورة العنف الإسلامي ضد المسيحيين الأقباط. وقد أدلى وزير الخارجية بتصريح عقب هذه الأحداث، كما ناقش وزير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هيو روبرتسون، خلال زيارته إلى مصر في ديسمبر الوضع الذي يواجهه المسيحيون الأقباط مع الأنبا يوليوس الأسقف العام. وأعرب الأنبا يوليوس عن تأييده الشديد للدستور الجديد وما يوفره من ضمانات للأقليات الدينية. وخلال زيارة البارونة وارثي إلى القاهرة في شهر فبراير اجتمعت بالبابا تواضروس الثاني رئيس الكنيسة القبطية، وشيخ الأزهر د. أحمد الطيب، وناقشت موضوع الأقليات في مصر. وإننا نواصل إثارة أهمية احترام المعتقدات الدينية وحماية الأقليات الدينية مع السلطات المصرية.
مازالت حقوق النساء تثير قلقا كبيرا. حيث هناك ارتفاع بحالات العنف الجنسي، والمتاجرة بالنساء لغرض الجنس، والزواج بالإكراه. كما وقعت حالات اعتداء جنسي على النساء خلال المظاهرات في ميدان التحرير في كل من شهر يناير، خلال المظاهرات بمناسبة الذكرى السنوية للثورة، وأثناء المظاهرات الأخرى التي جرى أثناء العام. وهناك فشل واسع في معاقبة المسؤولين عن هذه الاعتداءات. ونحن نعمل، من خلال مبادرة الشراكة العربية، مع شركائنا في مشروع يهدف لضمان أخذ مواضيع الجنسانية بعين الاعتبار، وندعم مشاريع تهدف لتعزيز المشاركة السياسية والاقتصادية للنساء. ومازال يقلقنا استمرار ممارسة ختان النساء في مصر، وهي ممارسة تتنافى والاتفاقيات الدولية وحقوق الإنسان الأساسية.