كلمة وزير شؤون الشرق الأوسط بالخارجية البريطانية، أليستر بيرت، في المنتدى البريطاني-اللبناني
أليستر بيرت: ينفرد لبنان بميزات لا مثيل لها في أي مكان آخر. فهو يستفيد من قاعدة كبيرة ومرنة من التحويلات المالية من أبنائه في الخارج، وقطاع مصرفي كبير ومربح، وقطاع خاص ديناميكي يتفوق في السياحة وفن العمارة والإنشاءات، بالإضافة إلى تجارة الجملة والتجزئة.
كلمة وزير شؤون الشرق الأوسط بالخارجية البريطانية، أليستر بيرت، في المنتدى البريطاني-اللبناني 12 كانون الأول 2018
أصحاب السعادة، الضيوف الكرام، السيدات والسادة، أسعدتُم صباحاً. يسرني أن أرحب بكم في لندن، وفي افتتاح منتدى الأعمال والاستثمار هذا.
وإنه ليسرني بشكل خاص أن أرحب برئيس الوزراء سعد الحريري. فلطالما غمرتني بحسن الضيافة أثناء زياراتي إلى بيروت - وكان آخرها حين شاهدنا معاً مباراة كرة القدم في نطاق بطولة كأس العالم في شهر حزيران. ويسعدني اليوم أن أتمكن من ردّ كرم ضيافتك - ويؤسفني بأنك لن تتمكن من الاستمتاع بمشاهدة المباراة بين فريق بري وفريق أولدهام التي ستُقام يوم السبت.
لقد تشرفت في الشهر الماضي بإلقاء كلمة بمناسبة العيد الوطني للبنان، حيث احتفلنا بمناسبات شتى، كان من بينها الذكرى السنوية الـخامسة والسبعين للاستقلال. لقد كانت المملكة المتحدة، يا دولة الرئيس، من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال بلدك قبل ثلاثة أرباع قرن من الزمان، وسنظل ندعم وبقوة سيادة لبنان ووحدة أراضيه.
العلاقات بين بلدينا لم تكن يوما أقوى مما هي عليه الآن - حيث تبلغ قيمة الدعم البريطاني للبنان حوالي 200 مليون دولار سنوياً. ونحن فخورون بالعمل الذي قمنا به معا، والذي ساعد - إلى جانب الجهود المتواصلة التي يبذلها الشعب اللبناني، ودعم العديد من أصدقائكم في المجتمع الدولي - على بقاء لبنان منارة الهدوء النسبي في منطقة مضطربة.
وقد لعبت شراكتنا الأمنية المتنامية دوْرها. تنطوي هذه الشراكة على دعمنا للقوات المسلحة اللبنانية، وهو ما ساهم في تأمين حدود لبنان مع سورية للمرة الأولى في تاريخ لبنان.
ويعود بعض الفضل لتعاوننا الأمني في بقاء لبنان البلد الوحيد - وبقاء جيش لبنان الجيش الوحيد - اللذين نجحا في صدّ تسلل عناصر داعش.
ولا نزال على التزامنا بشراكة أمنية دائمة مع لبنان، خدمةً لأمنه واستقراره على المدى الطويل.
وما من شك في أن الوضع الأمني في لبنان قد تحسن في السنوات القليلة الأخيرة. ومع تحسن الوضع الأمني، تحسّنت فرص السياحة أيضاً - كما تظهر نصائح السفر الرسمية الصادرة عن وزارة الخارجية البريطانية.
وقد رفعنا هذا الأسبوع نصائحنا التي تحذِّر من السفر إلى بعض أجزاء البلاد، وهو ما يعني أن بات باستطاعة السائحين البريطانيين زيارة مواقع مثل الآثار الرومانية الرائعة في بعلبك، والتي حالفني الحظً أن أشاهدها بنفسي في وقت سابق من هذا العام. وكلي أمل في أن يتمخض تغيير نصائح السفر عن زيارة مزيد من السائحين البريطانيين إلى لبنان كي يحظوْا بكرم الضيافة اللبناني كما عهدته أنا مرات عديدة.
كما إن لتحسّن الوضع الأمني انعكاساته الواضحة على تعزيز ازدهارنا المتبادل من خلال تعزيز السياحة البريطانية في لبنان، بالإضافة إلى زيادة استثمار في قطاع الأعمال، وقد بدأنا بالفعل التركيز بشكل أكبر على هذا المجال. وكان زميلي جورج هولينغبري، الذي التقى للتو بدولة رئيس الوزراء، قد تحدّث مؤخراً عن التعاون الرائع بين الشركات ورواد الأعمال البريطانيين واللبنانيين. ومن هنا، اسمحوا لي بالتركيز على فرص المستقبل.
أولاً، عيّنّا مؤخرا أول مفوض تجاري لصاحبة الجلالة البريطانية في الشرق الأوسط، سايمون بيني، الذي قام بأول زيارة ناجحة له إلى لبنان في الشهر الماضي. يشاطرني سايمون الرأي بأن هناك مجالاً ورغبة جامحة لقدْر أكبر من الاستثمار في لبنان.
ويعزِّز وجهة النظر هذه الاتفاق التجاري بقيمة 300 مليون دولار الذي تم توقيعه اليوم بين شركة رولز رويس وشركة طيران الشرق الأوسط اليوم.
يمثل لبنان جبهة جديدة للمستثمرين الباحثين عن حصد الأرباح. وفي نيسان الماضي نشرت الحكومة اللبنانية برنامجها لاستثمار رؤوس الأموال الذي حصل على دعم كبير من المجتمع الدولي أثناء مؤتمر سيدر الذي عُقد في باريس. فمشاريع توليد الطاقة والنقل العام وإمدادات المياه، وغيرها من المشاريع المدرجة في البرنامج المقدر حجمه بنحو 22 مليار دولار، كلها تحمل إمكانات توفير عوائد ضخمة للمستثمرين.
وكلي أمل في أن أرى شركات بريطانية تقدم عروضا وتفوز بالعقود بموجب هذه الخطة في السنوات القادمة.
وعلى لبنان أن يفعل أشياء مهمة قبل تحقيق وعود الاستثمار هذه بالكامل. حيث عليه أن يفي بالتزاماته بالإصلاح الاقتصادي، ولتحقيق ذلك يجب أن يعمل وبسرعة على تشكيل حكومة قادرة على التفعيل السريع للإجراءات الحيوية لبناء الثقة القائمة على الشفافية والانضباط المالي وسهولة ممارسة الأعمال التجارية. إننا نرحب بشدة بجهود دولة رئيس الوزراء المكلف، السيد الحريري، في هذا الصدد.
آمل أن تكون الحكومة الجديدة حكومةً ملتزمةً بتعزيز سيادة لبنان واستقراره، إضافة إلى تطبيق تلك الإصلاحات المهمة للمساعدة في تعزيز اقتصاد لبنان.
لقد أظهر الاقتصاد اللبناني قدرةً ملحوظة على النهوض خلال الأزمات الخارجية، بدعم من مصرف لبنان والقطاع المصرفي المتطور كركيزة للاستقرار في جميع الأوقات.
وفي كل مرّةٍ زرت فيها لبنان، أثار إعجابي من أقابلهم من رواد الأعمال الموهوبين فيه. ناهيك عن قوة المغتربين اللبنانيين الناجحين. ولست بحاجة إلى أن أخبر الحضور هنا أن رواد الأعمال في لبنان يشتهرون بكونهم الأكثر ديناميكية وعزما في العالم. ولطالما كان القطاع الخاص في لبنان محركاً صامداً للنمو في لبنان في السراء والضراء.
ينفرد لبنان بميزات لا مثيل لها في أي مكان آخر. فهو يستفيد من قاعدة كبيرة ومرنة من التحويلات المالية من أبنائه في الخارج، وقطاع مصرفي كبير ومربح، وقطاع خاص ديناميكي يتفوق في السياحة وفن العمارة والإنشاءات، بالإضافة إلى تجارة الجملة والتجزئة، كما أنه يتقدّم وبشكل متزايد في المجال الصيدلاني والتكنولوجي. وفي الوقت ذاته، تثير الساحة الفنية والتصاميم والأزياء الإعجاب المتزايد باستمرار: إذ تضع لبنان وبحقٍّ وجدارة على الخريطة.
والآن، وللاستفادة من هذه الأسس المتينة، ومن أجل مواجهة التحديات الاقتصادية الخارجية والداخلية، فلا بدّ للحكومة الجديدة من وضع خارطة طريق والشروع في تنفيذ الالتزام بالإصلاحات المشار إليها في مؤتمر سيدر.
ويسعدني أن أعلن اليوم عن برنامج جديد بقيمة 30 مليون جنيه إسترليني وفاءً بتعهد المملكة المتحدة في مؤتمر سيدر. من شأن برنامجنا هذا أن يقدم المساعدة الفنية لدعم رؤية الحكومة بمجال الإصلاح، وأن يساهم في مشاريع إعداد البنية التحتية للمستقبل. إن توفر الزخم الكافي في حركة هذه الإصلاحات سوف يؤدي إلى فتح باب تمويل كبير للبنية التحتية، الأمر الذي يساعد في تعزيز الاستثمار. وإلى جانب مبلغ 11 مليار دولار الذي تعهد المجتمع الدولي بتقديمه لهذا البرنامج، فإن الباب سينفتح على مصراعيْه لإمكانيات الاستثمار في اقتصاد لبنان.
وبينما نتطلع إلى تعزيز علاقاتنا التجارية والاستثمارية مع لبنان، فإننا عازمون أيضاً على ضمان استمرارية التجارة القائمة حالياً بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. وهذا يعني توقيع اتفاقية مماثلة لاتفاقية الشراكة الحالية بين الاتحاد الأوروبي ولبنان، فضلاً عن ضمان الانتقال السلس إلى اتفاقيات تجارية ثنائية جديدة.
ذلك يعني ذلك أنه سيكون بإمكان الشركات اللبنانية الاستمرار في الاستيراد من المملكة المتحدة والتصدير إليها دون أي عراقيل أو انقطاع، وأن تستطيع الشركات البريطانية الاستمرار في الاستثمار في لبنان. ونحن نعمل بشكل وثيق وبناء مع الحكومة اللبنانية لتحقيق هذا الهدف.
يظل اسم لبنان رديفاً للتسامح والديموقراطية والنهوض من الصعوبات، وتعتز المملكة المتحدة وتفخر بأن تكون شريكةً له. ونتمنى للبنان أن يتواصل ازدهاره طويلاً في المستقبل، وسنبقى إلى جانبه داعمين له في كل خطوة يخطوها على هذا الطريق.
ومع التحسن المستمر للوضع الأمني، وتطبيق الإصلاحات الاقتصادية في ظل حكومة جديدة، ستتزايد فرص الاستثمار في لبنان. ولقد باشر عدد من الشركات البريطانية باغتنام هذه الفرص بالفعل.
وبالنسبة لمن لم يفعلوا ذلك بعد من بين الحاضرين هنا اليوم، أود أن أدعوكم إلى النظر إلى لبنان باهتمام شديد - ونصيحة مني شخصيا: النبيذ هناك جيد جداً!