خطاب

التكلفة الإنسانية للتصعيد العسكري في سورية

مداخلة السفير جوناثان آلان، نائب المندوب البريطاني الدائم لدى الأمم المتحدة، خلال جلسة مجلس الأمن بشأن الوضع الإنساني في سورية.

تم نشره بموجب 2019 to 2022 Johnson Conservative government
Jonathan SC Syria

يريعنا التصعيد الكبير في العنف الذي يرتكبه النظام السوري وروسيا في إدلب. وما زالنا نشعر بخيبة أمل كبيرة لكون وقف إطلاق النار في يوم 12 يناير بالكاد صمد ليومين.

إن التكلفة الإنسانية لهذا التصعيد العسكري فظيعة. فمنذ أول ديسمبر قتلت روسيا والنظام السوري أكثر من 140 مدنيا. ومنذ 29 إبريل قُتل ما يربو على 1,500 مدني في شمال غرب سورية، وكان تقريبا نصف الضحايا من النساء والأطفال. بينما تشرد ما يفوق 358,000 من الأهالي نتيجة تصعيد العنف. وتتوقع الأمم المتحدة الآن نزوح 500,000 آخرين من سكان المناطق الواقعة على الخط الأمامي للقتال.

الكثافة السكانية في هذه المنطقة التي تزداد صغرا باضطراد وباتت بالفعل أكبر من الكثافة السكانية في غزة. ونظام المساعدات الإنسانية قد فاق طاقة التحمل. هؤلاء المدنيون الأبرياء بحاجة عاجلة للمواد الغذائية والمأوى والماء والرعاية الصحية والحماية من طقس الشتاء. لكننا لا نزال نرى استمرار القصف الجوي الذي يستهدف البنى التحتية المدنية. وإنني أكرر تذكير جميع الأطراف، بمن فيهم الجالسين حول هذه الطاولة، بالتزاماتهم بالامتثال للقانون الإنساني الدولي.

في يوم 11 يناير وحده تضررت 26 منطقة في إدلب من القصف الجوي؛ وكان من بين الأهداف التي قُصفت مدارس ومستشفيات ومخيمات للنازحين داخليا. وقبل ثلاثة أيام فقط تسبب القصف الجوي في إخراج مستشفى الإيمان في سرجة عن الخدمة. وبعد المطالبة مرارا وتكرارا بالتحقيق في هذه الاعتداءات، نرحب مرة أخرى بلجنة التحقيق التابعة للأمين العام، والتي تجري تحقيقا في بعض الاعتداءات التي وقعت سابقا في إدلب. كما ندعو الأمين العام لنشر ما تتوصل إليه اللجنة. واسمحوا لي أن أكرر المطالبة بوقف القتال تماما، ومعاودة الامتثال لاتفاق خفض التصعيد.

والآن، وبينما أن جميع الأنظار تركز على الشمال الغربي، علينا ألا نتجاهل من هم في أجزاء أخرى من سورية المحرومين من المساعدات الإنسانية. فكما نعلم جميعا، بسبب قرار الصين وروسيا استخدام حق النقض (الفيتو) ضد قرار يتعلق بالمساعدات الإنسانية، لم يعد باستطاعة الأمم المتحدة استخدام معابر الحدود في شمال شرق سورية وفي جنوبها.

قال السفير الروسي بأن المعابر في شمال شرق سورية لا حاجة لها لأن المساعدات الإنسانية تصل من دمشق. لكن الحقيقة هي أن النظام لا يقدم لهؤلاء السكان المعونات التي يحتاجون إليها، كما إنه لا يسمح للأمم المتحدة بأن تقدم المعونات.

لكن ذلك لا ينحصر في شمال شرق سورية وحسب. حيث السكان في المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة سابقا، مثل الغوطة الشرقية وشرق حلب، لا تحصل على مساعدات إنسانية جيدة تلبي الاحتياجات الأساسية. فالنظام يرى بأن هؤلاء السكان لا يؤيدون سياساته، وبالتالي يعاقبهم لعدم ولائهم عن طريق منع تزويدهم بالمواد الغذائية والأدوية. وبالتالي ينبغي على روسيا والصين، اللتين تصرفتا لمنع وصول مساعدات منقذة للأرواح إلى المحتاجين إليها، العمل الآن لضمان إيصال المساعدات. ونحن نتطلع إلى الأمم المتحدة، بما في ذلك من خلال تقرير الأمين العام المتوقع في شهر فبراير، لتسليط الضوء على هذه الفجوات والتحديات في الاستجابة الإنسانية، ومساعدتنا في إيجاد حل لإتاحة إيصال المساعدات إلى حيث هناك حاجة إليها.

لطالما أيدت المملكة المتحدة توفير المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء سورية، بما فيها المناطق التي تحت سيطرة السلطات السورية. وبالفعل بلغت مساهمات المملكة المتحدة من المساعدات أكثر من 4 مليارات دولار منذ سنة 2012.

أنوه علما بأن 60% من جميع المساهمات في الاستجابة الإنسانية من الأمم المتحدة خلال سنة 2019 مقدمة من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا. لكن من واجبنا جميعا ضمان تنظيم تقديم المساعدات، وضمان وصولها لمن هم في أمسّ الحاجة إليها أينما كانوا.

وتعرب المملكة المتحدة عن امتنانها للأمم المتحدة لمواصلتها جهودها الرامية لإيجاد حل لأهالي مخيم الركبان الذين يعيشون في ظروف صعبة للغاية. فهناك الكثير مما يجب عمله لضمان سلامة السكان المتبقين في مخيم الركبان، وأولئك الذين غادروا سعيا لإيجاد مأوى في أماكن أخرى. لم يحصل أهالي الركبان على أي مساعدات إنسانية منذ نهاية شهر سبتمبر، وقد استطعنا حينها توفير إمدادات تكفي لشهر واحد فقط. كما يقلقنا مصير من غادروا المخيم طوعا. لا بد من السماح للأمم المتحدة بالدخول بحرية وبشكل دائم إلى الملاجئ في حمص ووجهتها النهائية للوصول إلى النازحين داخليا في الركبان. فذلك يضمن مراقبة مناسبة وإعداد تقارير حول الظروف السائدة، وخصوصا تلك المتعلقة بمسائل الحماية وحقوق الإنسان. كما سنرحب بأن تشمل الأمم المتحدة ذلك في تقاريرها الدورية وأن تُبقي المجلس على علم باستمرار.

في الختام، إن الوضع الإنساني في سورية يظل، كما قال مارك لوكوك، صعبا ويزداد تدهورا. والوضع في إدلب مقلق بشكل خاص نظرا لقصف روسيا والنظام للمدنيين فيها. آمل أو يشاركني الزملاء في المجلس بالمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار هناك، وأن يشددوا على أهمية دخول المساعدات عبر الحدود، وأن يطالبوا النظام والمتحالفين معه بالسماح للأمم المتحدة بأداء عملها: إنقاذ الأرواح.

Updates to this page

تاريخ النشر 29 يناير 2020