بيان شفوي للبرلمان

العراق وسورية والاستجابة لتهديد داعش - تصريح وزير الخارجية للبرلمان

أدلى وزير الخارجية بتصريح لمجلس العموم اليوم حول الوضع في العراق وسورية واستجابة المملكة المتحدة السياسية والإنسانية والعسكرية لخطر داعش.

تم نشره بموجب 2010 to 2015 Conservative and Liberal Democrat coalition government
The Rt Hon Philip Hammond

قال وزير الخارجية، فيليب هاموند:

إنني على ثقة بأن المجلس يشاركني التعبير عن المواساة والتعازي لعائلة وأصدقاء آلان هيننغ. فقد وصل السيد هيننغ إلى سورية مسلحا بطيبة القلب والتعاطف مع السوريين. وجريمة قتله الشنيعة، تماما كما هو الحال بالنسبة لجريمة قتل ديفيد هينز والرهينتين الأمريكيين وآلاف آخرين، كشفت الوجه الحقيقي البربري لإرهابيي داعش.

السيد الرئيس، لقد شاهدنا مدى عِظم حجم ووحدة الاستجابة الدولية للتحديات التي يشكلها إرهابيو داعش. فقد شملت الاستجابة دولا مسلمة من المنطقة ومن المجتمع الدولي. وتفتخر المملكة المتحدة بأن يكون لها دور في ذلك.

لدينا استراتيجية واضحة لمقاتلة داعش من خلال تعاوننا الوثيق مع حلفائنا، تحت قيادة الولايات المتحدة. ولهذه الاستراتيجية عناصر عسكرية وسياسية وأخرى تتعلق بمكافحة الإرهاب. إنها استراتيجية ندرك أن بعض عناصرها على الأقل بحاجة لأن تكون مستدامة على الأجل الطويل. وليس لدينا شك تجاه مدى خطورة هذا التحدي على استقرار المنطقة وأمننا نحن هنا في المملكة المتحدة.

وفي جوهر استراتيجيتنا المسار السياسي. حيث لن يكون التغلب على تنظيم داعش ممكنا إلا بعد أن تتوفر في كل من العراق وسورية حكومة ممثلة للجميع وقادرة على تهميش صورة هذا التنظيم بين المواطنين التي تجذبهم إليه، والانخراط برد مستدام وفعال على الأرض للتصدي للتهديد العسكري والأيديولوجي الذي يشكله تنظيم داعش.

اسمحوا لي بداية أن أتناول الوضع في العراق الذي زرته الأسبوع الحالي. ذهبت إلى العراق لإبداء صمودنا إلى جانب الشعب العراقي والحكومة الجديدة التي شكلها رئيس الوزراء العبادي؛ ولأقول لهم بأنهم لا يواجهون خطر داعش بمفردهم؛ ولأبدي تشجيعي لهم بينما يعملون على إتمام تشكيل حكومة وحدة وطنية.

وإنني أدرك الآن قلق هذا المجلس - الذي يشاركه فيه الكثيرون في المنطقة - بشأن تحقيق هذا النهج الأكثر شمولية. وأدرك أيضا حجم التحديات الهائلة التي يواجهها رئيس الوزراء العبادي والشكك المفهوم بقدرته على اتباع سياسة مختلفة حقا عن سابقه.

لكنني أبدي إعجابي في نفس الوقت بالتزام كافة القيادات الثلاثة - الشيعة والسنة والأكراد - بضمان أن هذه المرة مختلفة، بل لا بد وأن تكون مختلفة. حيث اتفقوا جميعا على أن هذه آخر فرصة للعراق كدولة.

وفي محادثاتي مع رئيس الوزراء العبادي ونائب الرئيس النجيفي ووزير الخارجية الجعفري أكد لي كل منهم إدراكه الحاجة إلى ما يلي والتزام به: نهج أكثر شمولية؛ ولامركزية السلطة وتحويل بعضها للمجتمعات المحلية في العراق؛ والمساواة في توزيع الثروات الطبيعية في العراق. وقد أكدت لرئيس الوزراء العبادي بأن بريطانيا ستبذل كل ما في وسعها لدعم الإصلاح والمصالحة، وأكد لي هو بدوره بأنه يتوقع إتمام تشكيل حكومته، بتعيين وزيري الدفاع والداخلية، في الأيام القليلة المقبلة.

وفي أربيل التقيت برئيس حكومة كردستان مسعود بارزاني، ورئيس الحكومة نيجيرفان بارزاني ووزراء آخرين. وهم أيضا أكدوا لي التزامهم بالعمل مع رئيس الوزراء العبادي، وبأن الوزراء الأكراد سوف يتولون مهام مناصبهم بالحكومة في بغداد في الأسبوع الحالي. وقد لمست تفاؤلا كبيرا، في كل من أربيل وبغداد، بأن ذلك سيتيح التوصل لاتفاق هناك حاجة ماسة إليه لتسوية المسائل العالقة منذ وقت طويل بين الحكومة العراقية وإقليم كردستان، بما في ذلك صادرات النفط ومشاركة عوائده.

وربما من غير المستغرب، بالنظر لأحداث ماضية في التاريخ، أن هناك انعدام ثقة عميق ومتبادل بين مختلف الطوائف في العراق، وكذلك بين بغداد وبعض من الدول المجاورة في المنطقة. لكن من الضروري الآن أن يضع كافة الأطراف الماضي وراءهم، بعد أن اطلعوا على البدائل المتاحة، وأن تتولد لديهم الثقة لبناء الجسور بين بعضهم البعض، وخصوصا كسب ميول المواطنين السنة الذين يعيشون تحت حكم تنظيم داعش الوحشي - بل وفي بعض الأحيان يقبلون به على مضض - والذين لا بد من إعادتهم ليكونوا تحت المظلة السياسية كي يمكن هزيمة داعش في العراق. وسوف نبذل نحن من طرفنا كل ما باستطاعتنا لحث مختلف الطوائف والدول المعنية للتواصل مع بعضهم لأجل بناء عراق قادر على دحر داعش والأيديولوجية المسمومة التي يمثلها.

وبالالتفات إلى البعد العسكري لمساهمتنا في العراق، تتولى بريطانيا - إلى جانب الولايات المتحدة وفرنسا وأستراليا ودول أخرى - دورا أساسيا في توجيه ضربات جوية وتنفيذ عمليات استطلاعية متطورة لإتاحة توجيه هذه الضربات. ونحن بصدد تحويل بعض من طائرات ريبر للتحكم عن بعد من أفغانستان إلى الشرق الأوسط لتعزيز قدراتنا الاستطلاعية.

الوضع الأمني على الأرض مازال خطيرا جدا، حيث مازال مقاتلو داعش يسيطرون على مساحات كبيرة من الأراضي في كل من العراق وسورية. وقد حققوا تقدما في الأنبار في الأيام الأخيرة، بما في ذلك حين سيطروا على مدينة هيت واعتدوا على عاصمة المحافظة، مدينة الرمادي. لكن في نفس الوقت استطاعت القوات الكردية دحر داعش في الشمال واستعادت السيطرة على عدد من القرى المهمة استراتيجيا. وسوف يتغير الوضع بين مد وجزر تكتيكي، لكن الحملة الجوية التي تنفذها قوات التحالف قد ساعدت في استقرار الوضع الاستراتيجي، وحسب تقدير خبرائنا بغداد ليست في خطر مباشر.

من المحتمل أن حوالي 20-30% من أراضي العراق المأهولة واقعة تحت سيطرة داعش. وتحرير هذه الأراضي من داعش يشكل تحديا على الأجل المتوسط، يقاس بالشهور والسنوات، وليس بالأيام والأسابيع. والأثر الفظيع لوجود داعش - على الحكم والأمن والنسيج الاجتماعي - سوف يشعره الناس لوقت أطول من ذلك.

لقد شرح لي رئيس الوزراء العبادي خططه لإصلاح قوات الأمن العراقية. وهو مدرك تماما لحجم التحديات التي يواجهها، والمقاومة التي سيواجهها في معالجته لهذه التحديات. لكن الإصلاح ضروري كي تتمكن قوات الأمن العراقية من تطوير القدرات اللازمة لهزيمة داعش على الأرض. وقد التزمت الولايات المتحدة وغيرها بتوفير التدريب اللازم لذلك. كما أن بريطانيا قد مولت تدريب القوات الكردية على التخلص من المتفجرات، مثلما فعلنا حين دربنا قوات الأمن العراقية في وقت سابق من العام الحالي. وقد شاهدت بنفسي مساء يوم الاثنين أفرادا من الكتيبة الثانية، فرقة يوركشاير، تدرب قوات البشمركة على استخدام وصيانة الرشاشات الثقيلة التي أهدتها بريطانيا لهم.

أما في سورية، فعلينا أن نؤكد بكل وضوح، إن كان هناك شك لدى أي أحد، بأن الأسد لا يمكن أن يكون جزءا من الحل لهذا التحدي: حيث أن فساد نظامه هو العامل المسبب لوجود داعش.

بل حتى بينما كان التحالف الدولي يحاول إنقاذ كوباني، واصل الأسد اعتداءاته وقصفه الجوي على المعتدلين، بما في ذلك في ضواحي حلب ودمشق. والمقربون من الأسد يجب ألا يساورهم أي شك بضرورة من رحيله لإفساح المجال لوجود حكومة في دمشق تحظى بالشرعية في عيون الشعب السوري، والمصداقية لدى المجتمع الدولي، ويمكنها اتخاذ إجراء فعال لمواجهة التطرف. حيث لن يحل السلام في سورية طالما بقي هو في السلطة.

وسوف تواصل بريطانيا دعمها القوي للمعارضة المعتدلة، بما في ذلك تقديم المساعدة الفنية ومعدات غير فتاكة. وقد زدنا مؤخرا التمويل الذي نقدمه لمساعدة المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة وكذلك لحلفائنا في المنطقة لتعزيز صمودهم أمام آثار الصراع في سورية. إن الدعم الذي نقدمه، إلى جانب ما يقدمه الحلفاء، يساعد المعتدلين في الحوكمة الرشيدة وتوفير خدمات عامة في المناطق التي يسيطرون عليها، وبالتالي تخفيف معاناة المدنيين.

وهناك ضربات جوية تنفذها في سورية الولايات المتحدة بمشاركة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين والأردن. والمملكة المتحدة تؤيد تماما هذا الإجراء. وليس هناك من تابع شاشات التلفزة في الأسبوع الماضي أو ما نحوه دون أن يتأثر بمعاناة المدافعين عن كوباني. ففي بعض الأحيان بدا وضعهم يائسا. لكنهم صامدين، بدعم من الضربات الجوية التي ينفذها التحالف، وفي بعض الأحيان قادرين على صد مقاتلي داعش ودحرهم. كما أن المعارضة المعتدلة قد أوقفت تقدم داعش في مناطق أخرى بشمال سورية. والضربات الجوية استهدفت مقرات داعش ومراكز القيادة والسيطرة التابعة لهم، وقواتهم بالمحافظات الشرقية في الرقة ودير الزور، ما أدى لإضعاف قدراتهم. كما استهدفت الضربات الجوية البنية التحتية الاقتصادية التي استغلها مقاتلو داعش لتوفير العائدات من بيع النفط بشكل غير قانوني.

السيد الرئيس، تتوقع الحكومة البريطانية تقديم مساهمات كبيرة لبرنامج تنفذه الولايات المتحدة لتدريب أفراد المعارضة السورية المسلحة المعتدلة الذين يقاتلون طغيان الأسد وتطرف داعش. ونحن الآن بصدد تحديد تفاصيل كيفية تقديم هذه المساهمات.

يشكل إرهابيو داعش تهديدا على العراق والمنطقة. كما أنهم يشكلون تهديدا كبيرا علينا نحن هنا في بريطانيا، وخصوصا على أيدي المقاتلين الأجانب العائدين، وأيضا على مواطنينا في أنحاء العالم. لقد قادت المملكة المتحدة التحالف في عدد من مبادرات مكافحة الإرهاب الأوسع نطاقا التي تهدف لقطع مصادر تمويل داعش وتجنيد المقاتلين بين صفوفهم في كل من سورية والعراق.

وكان لنا دور محوري، من خلال عضويتنا في مجلس الأمن الدولي، لتأمين إعداد قائمة تضم 20 شخصا، من بينهم 16 لهم صلة مباشرة بتنظيم داعش أو جبهة النصرة وتنظيمان لهما صلة بالقاعدة، منذ تبني قرار مجلس الأمن رقم 2170 بشأن تمويل الإرهابيين. كما نعمل عن قرب مع شركائنا لعرقلة وصول داعش لأسواق خارجية لبيع النفط وغيره من السلع بشكل غير قانوني. وعلى الصعيد المحلي نسعى لتعزيز سلطات هيئة تنظيم العمل الخيري [في بريطانيا] لمواجهة إساءة استغلال القطاع الخيري.

وفيما يتعلق بتجنيد الإرهابيين، شاركت المملكة المتحدة في رعاية قرار مجلس الأمن رقم 2178 الذي يحدد إطارا للثني عن السفر ومنعه وعرقلته، والعمل مع الجاليات محليا، وتعزيز ضوابطنا على الحدود، وإدارة التحدي الذي تشكله عودة المقاتلين الأجانب. وسوف نطبق الآن بفعالية هذا الإطار في أنحاء أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط.

وباعتبارنا نشترك برئاسة فريق العمل المعني بمكافحة التطرف العنيف المنبثق عن المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، فإننا ننظر في سبل جديدة لتعزيز قدرة الشركاء في الخارج على مواجهة الدعاية الإرهابية المغرضة التي تساهم في الدفع نحو التطرف وتجنيد وحشد الأفراد للانخراط بالإرهاب.

السيد الرئيس، إن تقدم مقاتلي داعش واستمرار نظام الأسد بالاعتداء على شعبه قد تسببا بأزمة إنسانية في العراق وسورية لا تقل سوءا عن الوضع السياسي والعسكري. فقد نزح ما يربو على 170,000 من كوباني، كما أن أكثر من 30,000 قد شردوا من مدينة هيت بمحافظة الأنبار نتيجة للقتال الجاري مؤخرا - والكثير منهم لجأوا إلى إقليم كردستان في العراق. وباتت الحاجة لعزل مساكن اللاجئين لمواجهة برد الشتاء عاجلة جدا مع اقتراب حلول الطقس الماطر ومن ثم البارد. وشرحت القيادة الكردية لي كم هي الأزمة الإنسانية التي يواجهونها كبيرة وملحة في سعيهم لتوفير المأوى لحوالي مليون لاجئ، ربما نصف إجمالي عدد النازحين داخليا في العراق، إلى جانب الدفاع في نفس الوقت عن خطوط أمامية طولها 600 ميل ضد داعش.

والتحديات الإنسانية أكبر من ذلك. ففي سورية حوالي 14 مليون شخص بحاجة للمساعدة، ويوجد 6.5 مليون نازح داخليا و3 ملايين لاجئ بالدول المجاورة.

وقد أعلنت وزيرة التنمية الدولية مؤخرا عن تقديم 100 مليون جنيه استرليني من المساعدات الإضافية، وبذلك يرتفع إجمالي المساعدات التي قدمتها المملكة المتحدة استجابة للأزمة في سورية إلى 700 مليون جنيه.

تصل مساعداتنا إلى آلاف المحتاجين في أنحاء سورية والأردن ولبنان وتركيا والعراق ومصر. كما توفر المساعدات البريطانية الماء لما يصل إلى 1.5 مليون شخص، كما مولت توفير 5 ملايين من المخصصات الغذائية الشهرية. وإضافة لذلك نساعد لبنان والأردن في إدارة أثر تدفق اللاجئين بأعداد كبيرة لهذين البلدين على المجتمعات المضيفة فيهما.

إن بريطانيا واحدة من أوائل الدول المانحة استجابة للوضع الذي ازداد سوءا خلال الصيف في العراق، وقد خصصت 23 مليون جنيه استرليني للعراق منذ 13 يونيو (حزيران) لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة ولدعم جهود استجابة الأمم المتحدة ووكالات أخرى. وركزت هذه المساعدات على تلبية الاحتياجات - وبشكل أساسي في إقليم كردستان.

وقد استجابت وزارة التنمية الدولية للاحتياجات الطارئة للاجئين السوريين الأكراد الذين نزحوا مؤخرا إلى تركيا، كما أنها متأهبة للاستجابة سريعا للتطورات الجديدة.

لدينا استراتيجية طموحة متعددة الأوجه لمواجهة شر يشكل تهديدا مباشرا على أمننا القومي. وإنني أشيد بدبلوماسيينا وفرق التنمية الدولية البريطانيين المتواجدين في المنطقة الذين يعملون في ظروف صعبة للغاية. كما أشيد بأفراد قواتنا المسلحة الذين يعرضون حياتهم للخطر مجددا حين اتخذت المملكة المتحدة مكانها ضمن التحالف الدولي الذي يقاتل قوة بربرية لا مكان لها بالحضارة الإنسانية في القرن 21. وسوف يحظون دائما بدعمنا التام.

مزيد من المعلومات

  • تابع وزير الخارجية عبر تويتر @PHammondMP

  • تابعنا باللغة العربية عبر فيسبوك

  • تابعنا باللغة العربية عبر تويتر @FCOArabic

Media enquiries

For journalists

البريد الإلكتروني [email protected]

Updates to this page

تاريخ النشر 16 أكتوبر 2014