بيان شفوي للبرلمان

تصريح وزير الخارجية للبرلمان حول الوضع في سورية

"يواجه أفراد الشعب السوري نظاما يستخدم ضدهم الطيران الحربي والمروحيات والمدفعية الثقيلة والدبابات والذخيرة العنقودية وحتى الصواريخ البالستية"

تم نشره بموجب 2010 to 2015 Conservative and Liberal Democrat coalition government
William Hague

قال وزير الخارجية، ويليام هيغ، في تصريح أدلى به اليوم في مجلس العموم:

السيد الرئيس، اسمح لي أن أدلي بتصريح بشأن الصراع في سورية، والذي يزداد سوءا مع مرور الوقت.

إن الهجوم العسكري الذي تشنه قوات النظام السوري ضد المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة في دمشق وحمص وإدلب وحماة وحلب يزداد كثافة، وهي تتجاهل تماما الخطر على المدنيين في تلك المناطق. وقد تضاعف عدد القتلى في الشهور الخمسة الأولى من العام الجاري، وبلغ حتى الآن 80,000 قتيل. وهناك تقارير موثقة تفيد بارتكاب قوات النظام لمجازر في أنحاء دمشق، وقتل أتباع طوائف بدم بارد في قرى محيطة بمدينة بانياس. وتبين تسجيلات فيديو تراكم الجثث في الشوارع، وأطفال ذُبحوا داخل بيوتهم. ويُعتقد بأن 10,000 شخص قد فروا رعبا من المنطقة نتيجة أعمال القتل الوحشية هذه. كما وردت أنباء غير مؤكدة في الأسبوع الماضي عن استخدام الأسلحة الكيميائية.

يوجد حاليا ما يفوق 4 ملايين سوري نازح داخليا، وهناك 6.8 مليون شخص - من بينهم 3 ملايين طفل - بحاجة ماسة للمساعدات. من المروع تخيُّل ما واجهه هؤلاء الأطفال الذين شهدوا العنف والموت يوميا، إلى جانب ما يعانون من صدمات نفسية وسوء التغذية وأمراض وتحطم فرصهم بالتعليم.

لهذه المعاناة آثار مدمرة. وهي تساهم دون شك في تحول الناس إلى التطرف في سورية. حيث يواجه أفراد الشعب السوري نظاما يستخدم ضدهم الطيران الحربي والمروحيات والمدفعية الثقيلة والدبابات والذخيرة العنقودية وحتى الصواريخ البالستية، وعادة دون أن يكون لديهم ما يدافعون به عن أنفسهم ومناطقهم. وبالتالي بات الصراع يهيئ الفرص لانتشار الجماعات المتطرفة. وأصبحت سورية اليوم الوجهة الأولى للجهاديين من أي مكان في العالم، بمن فيهم حوالي 70-100 لهم صلة بالمملكة المتحدة.

كما أن ذلك يعرض أمن وسلام المنطقة للخطر، حيث سقط أكثر من 50 قتيل في تركيا الأسبوع الماضي، وتم اختطاف أفراد من قوات حفظ السلام في مرتفعات الجولان، إلى جانب الاشتباكات والقصف على الحدود السورية-اللبنانية. وأصبح نصف مليون سوري لاجئين في الأسابيع العشرة الماضية، ما رفع إجمالي عدد اللاجئين إلى 1.5 مليون، 75% منهم نساء وأطفال. وحسب تقدير الأمم المتحدة، إذا ما استمر الحال كذلك فإن عدد اللاجئين السوريين في دول أخرى سيرتفع إلى 3.5 مليون لاجئ، أي ما يعادل 15% من إجمالي تعداد سكان سورية. وقد حذر وزير خارجية الأردن بأن من المرجح أن يمثل اللاجئون السوريين في الأردن 40% من تعداد سكان الأردن بحلول منتصف العام القادم، كما يتوقع لبنان نسبة مماثلة.

السيد الرئيس، أمام سورية سيناريو أو اثنان محتملان:

فمن جهة، هناك صراع أكثر وحشية ومأزق عسكري ينتج عنه كارثة إنسانية أكبر، والمزيد من التطرف، وفروقات طائفية أكثر عمقا، والمزيد من المجازر بحق المدنيين، وحتى انهيار الدولة السورية وتفكك أراضيها.

ومن جهة أخرى، وهذا ما يجب أن نسعى إليه، يمكن التوصل لنهاية للقتال عبر التفاوض ليؤدي لوقف سفك الدماء ويفضي لتشكيل حكومة انتقالية جديدة تتيح عودة اللاجئين إلى ديارهم واحتواء التطرف.

وكافة جهودنا في المملكة المتحدة مكرسة للتوصل لتسوية سياسية ولإنقاذ الأرواح.

فقد ساهمنا بما يفوق 12 مليون جنيه استرليني من المساعدات غير الفتاكة حتى الآن، بما في ذلك للائتلاف الوطني السوري. وهذا يتضمن سيارات مزودة بخاصة الحماية البالستية، والسترات الواقية، والشاحنات والرافعات الشوكية، ومولدات تعمل بالطاقة الشمسية، ومعدات لتنقية المياه، وأجهزة للبحث عن الناجين بعد القصف، وأجهزة حاسب آلي، وهواتف للاتصال عبر الأقمار الصناعية، ومعدات مكاتب للمساعدة في المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة.

كما قدمنا دورات تدريبية ودعم بمجال حقوق الإنسان لأفراد من المجتمع المدني السوري. وقدمنا الدعم لفرق التحقيق بانتهاكات حقوق الإنسان لمساعدتهم على جمع أدلة على شكل وثائق وصور وإفادات شهود على هذه الانتهاكات. ودربنا أيضا الفرق الطبية لجمع الأدلة الجنائية على التعذيب والعنف الجنسي. وكل هذه المواد تُقدّم الآن للجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة وغيرها من أجهزة التحقيق الدولية لأجل محاسبة المتورطين بانتهاكات حقوق الإنسان. وبالتالي فإننا نرحب بالقرار الصادر برعاية قطر الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 15 مايو (أيار) بأغلبية 107 أصوات مقابل 12 صوتا، والذي يحث على المحاسبة عن انتهاكات حقوق الإنسان وإحراز تقدم في عملية الانتقال السياسي وتقديم المساعدات لسورية.

وقد أعلن رئيس الوزراء الأسبوع الماضي عن مضاعفة المساعدات غير الفتاكة المقدمة في العام الحالي إلى 20 مليون جنيه استرليني. سوف يستخدم هذا المبلغ للمساعدة في توفير الخدمات للشعب السوري وتوفير الإغاثة الإنسانية لهم على الأرض، وتأسيس روابط بين مختلف الطوائف وجماعات المعارضة، ودعم اتصالات أفضل.

لقد بلغ تمويلنا لأعمال الإغاثة الإنسانية حتى الآن 171.1 مليون جنيه استرليني، بما في ذلك 30 مليون جنيه استرليني أعلن عنها رئيس الوزراء الأسبوع الماضي لمساعدة المحتاجين في المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة والمناطق التي تشهد القتال داخل سورية. وغالبية التمويل الذي نقدمه موجه لمساعدة اللاجئين في لبنان والأردن. كما أننا وفرنا مواد غذائية لأكثر من 150,000 شخص، ومياه نظيفة لأكثر من 900,000 شخص، والاستشارة الطبية لأكثر من 240,000 من المرضى والجرحى. وقد بذلت الحكومة جهود كبيرة لحث الدول الأخرى على الإيفاء بالتزاماتها تجاه حملة الإغاثة التي ترعاها الأمم المتحدة لجمع 1.5 مليار دولار. حيث بلغ تمويل هذه الحملة 71% حتى الآن، وسنواصل حث الدول الأخرى على تقديم المزيد.

كما أننا نزيد من الدعم المقدم للدول المجاورة لسورية، بما في ذلك توفير معدات للقوات المسلحة الأردنية لمساعدتها في توفير الاحتياجات الطارئة للاجئين السوريين على الحدود ونقلهم بأمان مراكز المنظمات الإنسانية الدولية. وقدمنا أيضا تمويلا للقوات المسلحة اللبنانية لتشييد أربعة أبراج مراقبة على الحدود للمساعدة في منع وقوع أعمال عنف عبر الحدود في مناطق أساسية، وكذلك لحماية وطمأنة أهالي المناطق المحلية. ونعمل أيضا مع الائتلاف الوطني السوري وداعمين دوليين أساسيين لوضع خطط للمرحلة الانتقالية ولاحتياجات سورية بعد انتهاء القتال، وذلك استنادا لما نوقش خلال المؤتمر الذي عقدناه في ويلتون بارك بشهر يناير (كانون الثاني).

لا بد وأن يكون التركيز الدولي أولا على إنهاء الأزمة. وبهذا الصدد، فإننا نصعّد جهودنا لدعم المعارضة ولزيادة الضغوط على النظام بهدف تهيئة الظروف المناسبة لعملية انتقال سياسي.

وقد حضرت في 20 إبريل (نيسان) اجتماع المجموعة الأساسية من أصدقاء الشعب السوري في اسطنبول، حيث تم التوصل “لاتفاق” جديد مع الائتلاف الوطني السوري. وقد أصدر الائتلاف بيانا تعهد به بالحل السلمي والعملية الانتقالية، وتكفل بصيانة حقوق كافة طوائف المجتمع السوري، ووعد بنبذ العنف والفكر المتطرف. كما تعهد الائتلاف بصيانة الدولة السورية، واحترام القانون الدولي، وضمان سلامة وأمن الأسلحة الكيميائية وضمان عدم وقوعها في أيدي الجماعات المتطرفة. وإنني على ثقة بأن المجلس كله يرحب بهذه الالتزامات. وبالمقابل وافقت دول المجموعة الأساسية على توسيع دعمها للائتلاف ومجلسه العسكري، مثلما فعلت المملكة المتحدة. ونعمل حاليا على زيادة توسيع وتوحيد المعارضة.

وفي 8 مايو (أيار) اتفق وزير الخارجية الأمريكي كيري ووزير الخارجية الروسي لافروف على أسس لعقد مؤتمر دولي يجمع ممثلين عن النظام والمعارضة.

كما زار رئيس الوزراء روسيا في 10 مايو (أيار) لعقد محادثات مع الرئيس بوتين لأجل تأكيد التفاهم بشأن أهداف المؤتمر الدولي. وأجرى المزيد من المحادثات مع الرئيس أوباما في واشنطن بتاريخ 13 مايو، وتحدث مجددا مع الرئيس بوتين يوم الجمعة الماضي.

حسب اعتقادنا، يجب أن يركز هذا المؤتمر، والذي يجب انعقاده بأسرع وقت ممكن، على الاتفاق على آلية انتقالية للحكم تتمتع بكافة السلطات التنفيذية ويتم تشكيلها باتفاق مشترك استنادا للاتفاق الذي توصلنا إليه في جنيف العام الماضي.

ونحن نحث النظام والمعارضة على حضور المؤتمر والاستفادة تماما من هذه الفرصة للتفاوض. ففي النهاية لا بد من وجود حل سياسي يلقى دعما دبلوماسيا إن كان سيتم التوصل لحل على الإطلاق. فليس هناك نصر عسكري بحت لأي طرف دون أن يصاحبه سقوط المزيد من القتلى ونمو الإرهاب الدولي ومواجهة الدول المجاورة للمزيد من التهديد.

كما تحدثت أنا ورئيس الوزراء مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بشأن المؤتمر، ونواصل دعم جهود المبعوث الخاص الأخضر الإبراهيمي.

وأنني على اتصال مستمر مع وزير الخارجية كيري بشأن الاستعدادات. وسوف أسافر يوم غد إلى الأردن للاجتماع به وبوزراء خارجية المجموعة الأساسية لأصدقاء سورية يوم الأربعاء، كما سأتوجه يوم الاثنين إلى بروكسيل لحضور اجتماع مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي لمناقشة هذا الموضوع. يتوجب على الاتحاد الأوروبي تقديم دعمه القوي لهذه العملية، بما في ذلك بالموافقة على إجراء المزيد من التعديلات على قرار حظر تصدير الأسلحة، دون اتخاذ أي قرارات حاليا بشأن إرسال أسلحة للمعارضة السورية.

هناك قضية مقنعة تستدعي إجراء المزيد من التعديلات على قرار حظر تصدير الأسلحة، ذلك لزيادة الضغوط على النظام السوري ولإعطائنا المرونة الكافية للاستجابة لحالة استمرار التطرف والقتال. ولابد وأن نكون على استعداد لخوض كل السبل لتقوية المعتدلين وإنقاذ الأرواح بدل هذا الارتفاع المضطرد بحالات التطرف والقتل.

إننا لم نرسل أي أسلحة لأي طرف في ثورات الربيع العربي. ولم نتخذ أي قرار للمضي بهذا الاتجاه. وإن كنا سنمضي بهذا الاتجاه فإن ذلك سيكون وفق الشروط التالية: أن يكون هذا بالتنسيق مع دول أخرى، وفي ظروف تخضع للسيطرة الكاملة، وتماشيا مع التزاماتنا بموجب قوانيننا والقانون الدولي. وترى المملكة المتحدة وفرنسا بشدة ضرورة تعديل قرار حظر الأسلحة، وأن يكون ذلك ليس بمعزل عن الجهود الدبلوماسية، بل باعتباره ضروري لها. وعلينا توضيح أن في حال عدم دخول النظام في مفاوضات جادة في مؤتمر جنيف، فإن كافة الخيارات ستكون مطروحة.

لكن مازال هناك خطر عدم دخول نظام الأسد بمفاوضات جادة. وهذا درس تعلمناه من السنتين الماضيتين، حيث أبدى النظام بأنه مستعد للقبول بأي درجة من حالات سقوط القتلى في سورية على أمل أنه سيحقق نصرا عسكريا. كما أن علينا إقناع المعارضة بحضور المفاوضات، مع إدراكنا لمدى صعوبة تفاوضهم مع نظام يمضي في ذبح آلاف المواطنين.

تتوفر الآن كمية متنامية لكنها محدودة من المعلومات المقنعة التي تبين بأن النظام قد استخدم - ومازال يستخدم - أسلحة كيميائية. ولدينا عينات فسيولوجية من داخل سورية تثبت استخدام مادة السارين، رغم أن هذه العينات لا تشير لحجم استخدام هذه المادة. وحسب تقديرنا فإن من المرجح بأن من استخدم الأسلحة الكيميائية هو النظام. وليس لدينا دليل حتى الآن لاستخدام المعارضة لهذه الأسلحة. ونحن نرحب بالتحقيق الذي تجريه الأمم المتحدة، والذي برأينا يجب يشمل كافة المزاعم التي تحمل مصداقية، مع ضرورة زيارة اللجنة لكافة المناطق المعنية داخل سورية. ونواصل مساعدة فريق التحقيق والعمل مع حلفائنا للحصول على معلومات أفضل تدعم هذه المزاعم.

تتولى المملكة المتحدة رئاسة مجلس الأمن الدولي في الشهر القادم، وسنبقى مؤيدين لأن يضع مجلس الأمن كل ثقله وراء العملية الانتقالية في حال التوصل إليها.

السيد الرئيس، إن كافة جهودنا موجهة لضمان أن يحقق المؤتمر القادم المزمع عقده في جنيف أكبر فرصة من النجاح. وإننا ندخل في الأسابيع القادمة فترة من أكثر الجهود الدبلوماسية المبذولة كثافة حتى الآن بهدف حشد تأييد الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن بهدف إجراء مفاوضات حقيقية وإتاحة إمكانية التوصل لحل سياسي. ورئيس الوزراء ملتزم شخصيا ببذل هذه الجهود، وسيكون الدور المحوري لوزارة الخارجية في الأسابيع القادمة هو دعم هذه العملية. وفي نفس الوقت، سنواصل تعزيز جهودنا الرامية لإنقاذ الأرواح والمساعدة في استقرار الدول المجاورة ودعم الائتلاف الوطني داخل سورية.

مع مرور كل أسبوع تقترب سورية من حالة الانهيار وتقترب المنطقة من الكارثة، إلى جانب كون حياة عشرات آلاف السوريين معرضة للخطر. ونحن عازمون على بذل كل الجهود الممكنة لإنهاء هذه المذابح، وتخفيف خطرها على المنطقة، وحماية أمن المملكة المتحدة.

المزيد من المعلومت

يمكنك زيارة صفحات المملكة المتحدة وسورية

تابعنا باللغة العربية عبر فيسبوك وتويتر @UKMiddleEast

Updates to this page

تاريخ النشر 20 مايو 2013