رئيسة الوزراء تطلع البرلمان على تفاصيل الضربة الجوية في سورية
أطلعت رئيسة الوزراء، تيريزا ماي، البرلمان على تفاصيل الضربة الجوية في سورية يوم السبت، والأساس القانوني لتنفيذها، وأهميتها لإضعاف قدرات الأسلحة الكيميائية لدى نظام الأسد وردعه عن استخدامها ضد المدنيين مستقبلا.
قبل أن أتناول موضوع تصريحي، إنني على ثقة بأن أعضاء مجلس العموم جميعهم يودون مشاركتي في تقديم التعازي القلبية لعائلة وأصدقاء الرقيب مات تونرو من فوج المظليين في الكتيبة الثالثة، والذي قُتل نتيجة عبوة ناسفة يوم 29 مارس/آذار.
كان الرقيب تونرو ملحقا بالقوات الأمريكية في عملية ضد داعش. وقد خدم بلده بتميز كبير، وواضح أنه كان موجها موهوبا وبارعا حظي بتقدير كل من خدم معه. حارب الرقيب تونرو لحماية القيم البريطانية، والدفاع عن حرياتنا، وللحفاظ على سلامة بلدنا.
اسمحوا لي أن أدلي بتصريح بشأن الإجراءات التي اتخذناها مع حلفائنا الأمريكيين والفرنسيين لإضعاف قدرات النظام السوري بمجال الأسلحة الكيميائية - ولردع استخدامها مستقبلا.
في يوم السبت، 7 إبريل/نيسان، قُتل 75 شخصا، من بينهم أطفال صغار، في اعتداء مروع في مدينة دوما، إلى جانب إصابة 500 شخص آخرين. وكافة المؤشرات تدل على أن ذلك الاعتداء كان باستخدام أسلحة كيميائية.
وقد أجرى خبراء بريطانيون من الأطباء والعلماء تحليلا لتقارير وصور ومقاطع فيديو من الاعتداء وردت من مصادر مفتوحة، واستنتجوا بأن الضحايا تعرضوا لمادة كيميائية سامة. وهذا الاستنتاج أكدته أقوال موظفي إغاثة ومن منظمات غير حكومية من واقع مشاهداتهم. بينما حصلت منظمة الصحة العالمية على تقارير تفيد بأن مئات المرضى وصلوا إلى مرافق الرعاية الصحية يوم السبت “تبدو عليهم مؤشرات ويعانون من أعراض تدل على التعرض لمواد كيميائية سامة”.
وبناء على تقييمنا، لا نعتقد بأن من الممكن تلفيق هذه التقارير على هذا النطاق الواسع.
وعلاوة على ذلك، هناك ما يفيد بأن النظام يحاول إخفاء البراهين عن طريق تفتيش من تم إجلاؤهم عن دوما لضمان عدم تهريبهم لأية أدلة من هذه المنطقة. وهناك أيضا عملية أوسع جارية لإخفاء الحقائق، بدعم من روسيا.
إن الصور التي شاهدناها بشأن هذه المعاناة مروعة.
أفراد عائلات بريئة - كانوا يحتمون في ملاجئ تحت الأرض - عُثر عليهم ميتين وكانت رغوة تخرج من أفواههم، وعيونهم تعرضت للحرق، وتفوح من أجسادهم رائحة شبيهة برائحة الكلور. وأطفال يجدون صعوبة بالتنفس لأن المواد الكيميائية تسببت لهم بضيق التنفس.
إن كون عمل وحشي كهذا يقع في عالمنا اليوم يعتبر وصمة عار في إنسانيتنا. ولا شك لدينا بالمسؤول عن هذا الاعتداء.
حيث هناك قدر كبير من المعلومات - بما فيها استخبارات - تشير إلى أن النظام السوري مسؤول عن هذا الاعتداء الأخير. كما تشير مصادر معلومات مفتوحة إلى استخدام براميل متفجرة لإسقاط هذه المواد الكيميائية.
البراميل المتفجرة عادة ما تحملها مروحيات. وأشارت عدة مصادر مفتوحة ومعلومات استخباراتية إلى أن مروحيات النظام كانت تحلق فوق دوما مساء يوم 7 إبريل/نيسان، بعد وقت قصير من تداول أنباء الاعتداء الكيماوي عبر وسائل التواصل الاجتماعي. كما إن مسؤولين عسكريين سوريين قد نسّقوا ما يبدو وأنه استخدام سلاح الكلورين.
ليس بالإمكان أن تكون أي جماعة أخرى مسؤولة عن تنفيذ هذ الاعتداء. فالمعارضة ليست لديها مروحيات، ولا تستخدم براميل متفجرة. وداعش لا وجود له أصلا في دوما.
كما إن التقارير الواردة بشأن هذا الاعتداء مماثلة لاعتداءات أخرى ارتكبها النظام. من بينها الاعتداء يوم 21 أغسطس/آب 2013 الذي راح ضحيته أكثر من 800 قتيل، وتسبب في إصابة آلاف غيرهم نتيجة الاعتداء بسلاح كيميائي في الغوطة أيضا. كما وردت أنباء عن وقوع 14 اعتداء آخر على نطاق أصغر قبل ذلك الصيف. هذا إلى جانب 3 اعتداءات أخرى بالكلورين وقعت في 2014 و2015 نسبتها لجنة تحقيق مستقلة مكلفة من مجلس الأمن إلى النظام السوري.
وكذلك هناك الاعتداء في خان شيخون يوم 4 إبريل/نيسان من العام الماضي، حين استخدم النظام السوري غاز السارين ضد شعبه، متسببا في مقتل نحو 100 شخص وإصابة 500 آخرين.
وبناء على النمط المستمر لأفعال النظام، والتحليلات التراكمية لأحداث معينة، نرى بأن من المرجح جدا أن النظام استمر في استخدام أسلحة كيميائية في أربع مرات على الأقل منذ الاعتداء في خان شيخون. كما نرى أنه سوف يستمر باستخدامها.
وبالتالي كان علينا التدخل سريعا لتخفيف مزيد من المعاناة الإنسانية التي يتعرض لها الناس بشكل عشوائي. وقد بحثنا كافة القنوات الدبلوماسية الممكنة لتحقيق ذلك، لكن جهودنا أُحبِطت باستمرار.
بعد الاعتداء بغاز السارين في شرق دمشق في أغسطس/آب 2013، التزم النظام بتفكيك برنامج الأسلحة الكيميائية لديه - وتعهدت روسيا بضمان أن تفعل سورية ذلك، تحت إشراف منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، أشار زعيم المعارضة إلى هذا الاتفاق السياسي على أنه “سابقة تدل على إمكانية نجاح هذه الجهود”. إلا أن هذه الجهود لم تحقق المراد منها.
حيث أنها لم تقضِ على قدرات النظام السوري بمجال الأسلحة الكيميائية، وفي الشهر الماضي وجدت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بأن سورية لم تصرح بالكامل عن برنامجها للأسلحة الكيميائية.
وكما قلت آنفا، ذلك الاتفاق لم يمنع النظام السوري من تنفيذ اعتداءات وحشية للغاية باستخدام هذه الأسلحة. وعلاوة على ذلك، في كل مرة نجد مؤشرات على استخدام أسلحة كيميائية، منعت روسيا من خلال مجلس الأمن أي محاولة لمحاسبة المسؤولين عن الاعتداء، حيث استخدمت الفيتو ست مرات منذ بداية عام 2017.
وفي الأسبوع الماضي صوتت روسيا ضد قرار لمجلس الأمن بشأن إجراء تحقيق مستقل لتحديد المسؤولية عن هذا الاعتداء. وبالتالي، لم يكن أمامنا للأسف أي خيار سوى استنتاج أن الجهود الدبلوماسية وحدها لن تنجح.
كما قال زعيم المعارضة بأن يمكنه “الموافقة على التدخل في سورية فقط بموافقة الأمم المتحدة”. لكن يجب على مجلس العموم إدراك أن ذلك يعني فيتو روسي ضد سياستنا الخارجية.
عندما اجتمع مجلس الوزراء يوم الخميس، بحثنا ما أشار به النائب العام. وبناء على مشورته هذه، اتفقنا على أن اتخاذ إجراء عسكري إلى جانب حلفائنا هو الصواب، ليس من الناحية الأخلاقية وحسب، بل أيضا من الناحية القانونية، وذلك لتخفيف مزيد من المعاناة الإنسانية.
ذلك العمل العسكري لم يكن تدخلا في الحرب الأهلية. كما إنه لم يهدف إلى تغيير النظام. بل إنه كان ضربة جوية محدودة وموجّهة وفعالة لتخفيف المعاناة الإنسانية للشعب السوري عن طريق إضعاف قدرات النظام السوري بمجال الأسلحة الكيميائية، وردعه عن استخدامها.
وقد نشرنا الأساس القانوني لهذا الإجراء العسكري. والذي كان يتطلب استيفاء ثلاثة شروط.
أولا، أن يتوفر دليل مقنع، ويقبل به المجتمع الدولي عموما، عن وقوع معاناة إنسانية شديدة على نطاق واسع، وتتطلب تخفيفها عاجلا.
وثانيا، أن يكون من الواضح، وبشكل موضوعي، عدم وجود بديل عملي لاستخدام القوة لأجل إنقاذ الأرواح.
وثالثا، يجب أن يكون استخدام القوة ضروريا ومتناسبا مع هدف تخفيف المعاناة الإنسانية، وأن يكون محدود المدة، وضمن نطاق تحقيق هذا الهدف.
وهذه هي نفس المعايير الثلاثة التي اعتُمدت كمبرر قانوني لدور المملكة المتحدة في تدخّل حلف الناتو في كوسوفو.
كما إن تدخلنا في 1991 مع الولايات المتحدة وفرنسا - وفي 1992 مع الولايات المتحدة - لفرض منطقة حظر جوي في العراق بعد حرب الخليج كان هو أيضا مبرَّرا على أساس التدخل الإنساني.
وبالتالي فإن الحكومات على اختلافها قد رأت أن اللجوء لتدخل عسكري - بشكل استثنائي، حيثما لزم الأمر وحيثما كان التدخل متناسبا، وكان الملجأ الأخير لأجل منع وقوع كارثة إنسانية - يعتبر مسموحا بموجب القانون الدولي.
لقد شرحت سبب اقتناعنا بالدليل المتوفر، وسبب عدم وجود أي بديل عملي. اسمحوا لي الآن أن أوضح كيف أن هذا الرد العسكري كان متناسبا أيضا.
لقد كان هذا الرد العسكري ضربة محدود وموجّهة وفعالة سوف تؤدي إلى إضعاف القدرات السورية بمجال الأسلحة الكيميائية إلى حد كبير، وتردع استخدامها مستقبلا - وضمن حدود واضحة سعت بكل وضوح إلى تجنب التصعيد، وبذل كل المستطاع لمنع وقوع ضحايا مدنيين.
ونتيجة لتنسيق الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، نجحنا في توجيه هذه الضربة التي استهدفت تحديدا ثلاثة مواقع.
وخلافا لما قاله زعيم المعارضة خلال عطلة نهاية الأسبوع، لم تكن تلك “مباني خالية”.
فالمقر الأول كان فرع برزة من مركز الدراسات والبحوث العلمية في شمال دمشق. كان ذلك مركزا لبحث وتطوير برنامج الأسلحة الكيميائية والبيولوجية في سورية. وقد قصفه 57 صاروخا أمريكيا من نوع توماهوك و19 من صواريخ جو-أرض الموجهة المشتركة.
الموقع الثاني كان مستودعا للأسلحة الكيميائية على بعد 15 ميلا إلى غرب مدينة حمص، وكان يحتوي معدات للأسلحة الكيميائية ومستودعا لهذه الأسلحة، إلى جانب كونه مركز قيادة مهم. وقد قصفته 7 صواريخ فرنسية موجّهة بعيدة المدى.
والموقع الثالث كان مستودع الأسلحة الكيميائية وقاعدة صواريخ سابقة وهو الآن مقر عسكري. وهناك ما يشير إلى أنه موقع لتخزين غاز السارين ومعدات إنتاج السلائف، والتي يؤدي تدميرها إلى إضعاف قدرة سورية على استخدام غاز السارين في اعتداءات مستقبلا. وهذا الموقع قصفته 9 صواريخ أمريكية من نوع توماهوك، و5 صواريخ أطلقت من البحر، واثنان من الصواريخ الفرنسية الموجّهة بعيدة المدى، و8 صواريخ “ظل العاصفة” التي أطلقتها أربع طائرات تورنادو تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني.
وقد تم إجراء حسابات علمية دقيقة لتحديد أفضل هدف لهذه الصواريخ لضمان أكبر قدر من تدمير مخزون الأسلحة الكيميائية، ولتقليل تعريض المناطق المحيطة للخطر. والمرافق التي استهدفناها بالقصف تقع على مسافة بعيدة عن أي مراكز مأهولة معروفة، وهذا بالتالي قلل احتمال وقوع إصابات بين المدنيين.
بينما أن هذه الضربات التي نفذتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا كانت موجّهة ومحدودة، فإنها كانت أكبر كثيرا من الإجراء العسكري الذي اتخذته الولايات المتحدة العام الماضي بعد الاعتداء على خان شيخون - وكانت مصممة تحديدا لأن يكون لها أثر أكبر على قدرات النظام ولردع استعداده لاستخدام الأسلحة الكيميائية.
كما إننا حرصنا على تقليل احتمالات التصعيد من خلال اختيار أهدافنا بعناية، ولا بد وأن المجلس يدرك بأن روسيا لم تشر إلى وقوع أية خسائر بالأفراد أو المعدات نتيجة لهذه الضربات.
وإنني على ثقة بأن أعضاء المجلس يرغبون في مشاركتي بالإشادة بأفراد القوات البريطانية من رجال ونساء - وأفراد حلفائهم الأمريكيين والفرنسيين - الذين نفذوا هذه المهمة بنجاح، وبكل شجاعة واحتراف.
اسمحوا لي أن أتناول ثلاث أسئلة هامة.
أولا، لماذا لم ننتظر نتائج تحقيق تجريه منظمة حظر الأسلحة الكيميائية؟
لقد أجرى محققون مكلفون من مجلس الأمن الدولي تحقيقات في اعتداءات سابقة، واستنتجوا في أربع مرات بأن النظام كان هو المسؤول فعلا عن هذه الاعتداءات. ونحن على ثقة، من واقع تقييمنا نحن، بأن من المرجح جدا أن النظام السوري مسؤول عن هذا الاعتداء، وأن النمط المستمر لأفعاله يعني أن من المرجح جدا أن يستمر باستخدام الأسلحة الكيميائية.
وعلاوة على ذلك، من الواضح وجود محاولات لمنع إجراء أي تحقيق مناسب، كما رأينا من الفيتو الروسي في مجلس الأمن الأسبوع الماضي.
اسمحوا لي أن أشرح ذلك بالتفصيل. إننا نؤيد بشدة عمل لجنة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، والمتواجدة حاليا في دمشق. لكن هذه اللجنة باستطاعتها فقط إعطاء تقييم بشأن ما إذا قد تم استخدام أسلحة كيميائية.
وحتى لو استطاع فريق اللجنة زيارة دوما لجمع معلومات يستند إليها في تقييمه - وهو مازال يُمنع حتى الآن من قبل النظام والروس من دخول دوما - فليس باستطاعته تحديد المسؤولين عن هذا الاعتداء. ذلك لأن روسيا استخدمت الفيتو في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 ضد قرار تمديد عمل آلية التحقيق المشتركة التي تم تشكيلها لهذا الغرض. وفي الأسبوع الماضي، بعد الاعتداء في دوما، استخدمت الفيتو مرة أخرى ضد قرار جديد لمجلس الأمن لإعادة تأسيس هذه الآلية.
وحتى وإن توفرت لنا استنتاجات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وآلية لتحديد المسؤولين عن هذا الاعتداء، لن يتمكن مجلس الأمن الدولي من اتخاذ إجراء طالما استمرت روسيا باستخدام الفيتو.
وبالتالي ليس باستطاعتنا الانتظار لتخفيف مزيد من المعاناة الإنسانية بسبب اعتداءات بأسلحة كيميائية.
ثانيا، لم نكن ننفذ أوامر من أمريكا.
إنني واضحة تماما بهذا الشأن: لقد اتخذنا هذا الإجراء لأن من مصلحتنا الوطنية اتخاذه. ومن مصلحتنا الوطنية منع استخدام الأسلحة الكيميائية مجددا في سورية - والحفاظ على والدفاع عن الإجماع العالمي بشأن عدم استخدام هذه الأسلحة. حيث لا يمكننا السماح بأن يصبح استخدام الأسلحة الكيميائية أمرا عاديا - لا في داخل سورية، ولا في شوارع المملكة المتحدة، ولا في أي مكان آخر.
وبالتالي فإننا لم نتخذ هذا الإجراء لأن الرئيس ترامب طلب منا ذلك. بل اتخذنا هذا لإجراء لأننا نعتقد بأنه الصواب، ونحن لسنا وحدنا الذين نعتقد ذلك. بل هناك تأييد دولي واسع للإجراء الذي اتخذناه. وقد أصدر حلف الناتو بيانا أبدى فيه دعمه، وكذلك دول مجلس التعاون الخليجي وعدد من دول المنطقة.
وأجريت اتصالات طوال عطلة نهاية الأسبوع مع عدد من زعماء العالم - بمن فيهم المستشارة ميركل، ورئيس الوزراء جنتيلوني، ورئيس الوزراء ترودو، ورئيس الوزراء تيرنبل، ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك. وقد أعربوا جميعهم عن تأييد الإجراء الذي اتخذته بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة.
ثالثا، لماذا لم ندعُ لانعقاد البرلمان؟
إن سرعة الإجراء الذي اتخذناه كانت ضرورية لأجل تعاوننا مع شركائنا لتخفيف المعاناة الإنسانية، وللحفاظ على أمن عملياتنا. كانت تلك ضربة محدودة وموجّهة نفذناها بناء على أساس قانوني استندنا إليه في السابق. وكان القرار يتطلب تحليل استخبارات ومعلومات كان أغلبها حساس ولا يمكن إطلاع البرلمان عليها.
لقد أوضحنا دائما بأن من حق الحكومة التصرف سريعا إن كان ذلك يصب في المصلحة الوطنية. وإنني أؤكد تماما مسؤولية البرلمان عن محاسبتي عن قرارات كهذه - وهو ما سيفعله البرلمان. لكن من مسؤوليتي كرئيسة للوزراء أن أتخذ هذه القرارات. وسوف أتخذها.
وكما أوضحت آنفا، هذا العمل العسكري لم يكن الغرض منه التدخل في الحرب الأهلية في سورية - أو تغيير النظام فيها. لكننا عازمون على فعل كل ما باستطاعتنا للمساعدة في تسوية الصراع في سورية. ذلك يعني إنجاز عملياتنا القتالية ضد داعش الذي مازال أفراده يحتلون جيوبا من الأراضي في سورية. كما يعني العمل لأجل تمكين دخول المساعدات الإنسانية، ومواصلة جهودنا في طليعة الاستجابة الدولية، حيث رصدت المملكة المتحدة نحو 2.5 مليار جنيه استرليني، وهو أكبر استجابة نقدمها لأزمة إنسانية واحدة.
وفي الأسبوع المقبل، سوف نحضر مؤتمر بروكسيل الثاني حول دعم مستقبل سورية والمنطقة، والذي سوف يركز على الدعم الإنساني، ودعم العملية السياسية في جنيف بقيادة الأمم المتحدة، وضمان استمرار الدعم الدولي للاجئين والدول المضيفة لهم - وبالتالي تحقيق مزيد من التقدم في البناء على أسس مؤتمر لندن الذي استضفناه في 2016.
كما يعني ذلك مساندة الجهود الدولية لإحياء العملية السياسية للوصول إلى حل سياسي: حيث أنه أفضل أمل على المدى الطويل للشعب السوري.
المملكة المتحدة سوف تفعل كل ذلك. لكن كما قلت بوضوح، ذلك لم يكن هو هدف هذه الضربات العسكرية. فالإجراء العسكري الذي اتخذناه خلال عطلة نهاية الأسبوع ركز تحديدا على إضعاف قدرات الأسلحة الكيميائية لدى النظام السوري وردع استخدامها مستقبلا.
ولتحقيق ذلك، لا بد من بذل جهود دبلوماسية أوسع - بما في ذلك استغلال كافة الضغوط السياسية والاقتصادية - لتعزيز الأعراف العالمية التي تحظر استخدام الأسلحة الكيميائية القائمة منذ نحو قرن من الزمن. وبالتالي سنواصل العمل مع شركائنا الدوليين لاتخاذ إجراء اقتصادي صارم ضد المتورطين بإنتاج أو نشر الأسلحة الكيميائية.
وإنني أرحب باستنتاجات مجلس الشؤون الخارجية الأوروبي، الذي حضره وزير الخارجية، التي أكدت استعداد المجلس للنظر في اتخاذ مزيد من التدابير المقيدة ضد المتورطين بتطوير واستخدام الأسلحة الكيميائية في سورية.
وسوف نواصل الدفع تجاه إعادة تأسيس آلية تحقيق دولية يمكنها تحديد المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية. كما سوف نحرز تقدما مع حلفائنا الفرنسيين بالشراكة الدولية ضد الإفلات من العقاب عن استخدام الأسلحة الكيميائية، والتي سوف تجتمع في الأسابيع المقبلة.
كما سنواصل تقوية التحالف الدولي الذي حشدناه منذ الاعتداء في سالزبري. فقد أكد تقرير صدر عن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الخميس الماضي ما توصلنا إليه من استنتاجات، ذلك أن المادة المستخدمة في سالزبري كانت بالفعل نوفيتشوك - وقد أودعت نسخة من الموجز التنفيذي لتقرير المنظمة في مكتبة مجلس العموم.
وبينما أن استخدام غاز أعصاب في شوارع سالزبري يعتبر اعتداء أصغر كثيرا، إلا أنه جزء من نمط يدل على الازدراء بالمعايير العالمية التي تحظر استخدام الأسلحة الكيميائية.
وبالتالي، بينما أننا اتخذنا هذا الإجراء لتخفيف المعاناة الإنسانية في سورية عن طريق إضعاف قدرات الأسلحة الكيميائية لدى النظام وردعه عن استخدامها - فإن هذا الإجراء أيضا يوجه رسالة واضحة لكل من يعتقد أن باستطاعته استخدام الأسلحة الكيميائية والإفلات من العقاب.
لا يمكننا العودة إلى عالم يصبح فيه استخدام الأسلحة الكيميائية أمرا معتادا.
إنني مدركة تماما لمدى خطورة هذه القرارات. فهي تؤثر على كافة أعضاء هذا المجلس - وعليّ أنا شخصيا. وإنني أتفهم الأسئلة التي سوف تُطرح - بكل حق - بشأن الإجراء الذي اتخذه الجيش البريطاني خصوصا في مثل هذه المنطقة المعقدة.
لكنني أؤكد بأن طريقة حماية مصلحتنا الوطنية هي الدفاع عن القواعد والمعايير العالمية التي تحمينا. وهذا هو ما فعلناه - وما سنواصل فعله.