استخدام الأسلحة الكيميائية في دوما عمل تصعيدي
كلمة السفيرة كارين بيرس، المندوب البريطاني الدائم لدى في الأمم المتحدة خلال جلسة مجلس الأمن بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية.
أشكر المبعوث الخاص للأمين العام والسيد ماركرام على ما قدماه من إيجاز. وكذلك أتقدم بالشكر للمبعوث الخاص، وعن طريقه، لكافة فرق الأمم المتحدة العاملة على الأرض للعمل الهام وبالغ الصعوبة الذي يؤدونه. وكما ذكر ستيفان دي مستورا، فهذه جلسة هامة لمجلس الأمن. وتشعر حكومتي بنفس الغضب الذي أجاد الزملاء الآخرون في التعبير عنه اليوم. فمن المروع حقا تصور حال الضحايا والعائلات المختبئين في ملاجئ تحت الأرض عندما تسلل إليهم غاز الكلورين.
للمرة الثالثة في غضون خمسة أيام ينعقد هذا المجلس لبحث الأسلحة الكيميائية. هذا فظيع بكل ما تعنيه الكلمة. وعلى المجلس أن يخشى ما نخاطر بتركه يحدث، أي أن يصبح استخدام الأسلحة الكيميائية جزءا معتادا من القتال. وباعتبار المملكة المتحدة من الدول الخمس دائمة العضوية، فإنها تعتقد بأنه تقع على عاتقنا مسؤولية خاصة لضمان حظر استخدام أسلحة الدمار الشامل في كافة أنحاء العالم. ونحن نتفق مع ما قاله سفير هولندا من أن مجموعة الأعضاء الخمسة الدائمين تقع على عاتقها مسؤوليات محددة.
وأنا أعتقد أن أربعة من الأعضاء الدائمين يؤمنون بذلك فعلا، إلا أن هناك عضوا لا يتفق مع ذاك الرأي. لقد أشار السفير الروسي إلى عودة الحرب الباردة. إنها ليست الحرب الباردة. ففي الحرب الباردة لم يكن هناك استخفاف فاضح بأشكال الحظر العالمي على استخدام أسلحة الدمار الشامل.
ولقد أشار المبعوث الخاص للأمين العام أيضا إلى مخاطر التصعيد وتلك التي تتهدد الأمن والسلام العالميين بشكل أعم. ونحن نشاطره تلك المخاوف، إلا أن الحكومة السورية وداعمتيها إيران وروسيا هم من يطيلون أمد القتال ويعرضون استقرار المنطقة والاستقرار الدولي للخطر. وهناك أسئلة حقيقية حول ما يجري في قاعدة تيفور الجوية بما تحويه من مقاتلين ومرتزقة.
لقد تحدانا زميلنا الروسي اليوم بأن نقول لماذا نعتقد أن الهجوم قد نفذته سورية، ولماذا حتى نعتقد أنه تم استخدام الأسلحة الكيميائية. الأسباب هي كالتالي: كشفت الآلية المشتركة للتحقيق بين عامي 2014 و2017 أن الأسلحة الكيميائية قد استُخدمت ست مرات. اثنتان منها تم نسبهما إلى داعش لاستخدامه غاز الخردل. وثلاث منها نفذها النظام السوري باستخدام غاز الكلورين، كما نفذ النظام هجوما آخر مستخدما غاز السارين، وهو الاعتداء على خان شيخون الذي تحدثنا عنه في هذا المجلس الأسبوع الماضي، والذي أدى إلى الضربات الجوية الأمريكية على مطار الشعيرات والتي تلقى دعمنا. وبالإضافة إلى ذلك، وكما ذكر السفير الفرنسي، فقد كان لدينا تقارير تنذر باستخدام روسيا وسورية للأسلحة الكيميائية قبل وقوعها، وذلك من نمط تحليق الطائرات المروحية من طراز Mi8 أو HIP فوق المنطقة، وتلك كانت تقارير ميدانية.
لقد أصغيت بعناية للنقاط التي أثارها السفير الروسي. وكما ذكرت لتوي، فنحن في المملكة المتحدة نعتقد بأن النظام السوري مسؤول عن هذه الاعتداءات الأخيرة، ولكن هناك طريقة واحدة للتحقق من ذلك، وهي تشكيل لجنة مستقلة لتقضي الحقائق، على أن يتبع ذلك إجراء تحقيق مستقل. وكما نعلم جميعا، فإن مهمات تقصي الحقائق قد وُجدت لتحديد إن تم استخدام الأسلحة الكيميائية، وإن كانت قد استُخدمت بالفعل، فأي نوع منها. ولكن التحقيق هو فقط الكفيل بتحديد من هو المسؤول عن استخدامها، وبالتالي لبدء عملية المساءلة. ولقد أثار اهتمامي كثيرا الاستماع للعرض الروسي بأن تقوم لجنة تقصي حقائق من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بزيارة لسورية، وأنها ستحظى بحماية القوات الروسية. وأنا أعتقد أنه عرض جدير بالمتابعة، ولكن سيكون من الضروري بالطبع لمهمة المنظمة بأن يكون لديها مطلق الحرية بالحركة وأن تتاح لها حرية الوصول إلى الأماكن ذات الصلة. ومع ذلك يبقي السؤال قائما عمن ارتكب هذه الفظاعات، ولهذا السبب نحن ندعم نص القرار الأمريكي ونعتقد أيضا أنه ليس هناك من سبب مشروع لعدم تأييد مطالبة مجلس الأمن بتأسيس آلية مستقلة للتحقيق. وكما ذكرت سابقا، ليس لدينا ما نخفيه ولكن يبدو أن لدى روسيا وسورية وداعمتهما إيران ما يخشون كشفه.
لقد خص السفير الروسي المملكة المتحدة ببعض النقد إلى جانب الولايات المتحدة وفرنسا، لذا أود العودة لتلك النقطة. إن المسؤولية عن الفظاعات التي تُرتكب في سورية تعود على سورية وداعمتيها روسيا وإيران. واستخدام الأسلحة الكيميائية عمل تصعيدي وشيطاني. وما يذهلني أن ما تحاول روسيا فعله هو أن تحيد بالنقاش في هذا المجلس عن مناقشة استخدام الأسلحة الكيميائية لتجعله خلافا بين الشرق والغرب، وتصوّر نفسها على أنها الضحية. والموضوع أكثر أهمية بكثير من أن يتحول إلى لعبة سياسية بين الشرق والغرب فيما يتعلق بالأسلحة الكيميائية. إن دموع التماسيح التي تذرفها روسيا حزنا على أهالي الغوطة الشرقية جوابها سهل: هو الانضمام إلينا في محاولة لا سياسية لإدخال المساعدات الإنسانية وحماية موظفي الإغاثة التابعين للأمم المتحدة كي يؤدوا عملهم بالاعتناء بالمدنيين وتخفيف الأخطار عليهم. كما إن قلق روسيا بشأن تحديد المسؤولية عن استخدام الأسلحة الكيميائية جوابه واضح أيضا، وهو الانضمام إلينا بالسماح للأمم المتحدة بتأسيس آلية تحقيق مستقلة لمعرفة المسؤولين عن الاعتداء. وأنا أكرر هنا المطلبين الذين تقدم بهما زميلي الفرنسي، وآمل أن نتمكن من إحراز تقدم.
لم أكن أعتزم إثارة قضية سكريبال في سالزبري. ولكن لأن زميلي الروسي قد فعل ذلك، فإنني سأتطرق إليها اليوم. فقد سأل عن أوجه التشابه بين سالزبري وسورية. وأنا أظن أنه من المهم أن أشير إلى أن القضيتين مختلفتان بالأوجه التالية. هناك تحقيق شامل يجري حاليا في سالزبري. بينما ليس هناك تحقيق جار في سورية. والحكومة البريطانية تسعى في قضية سالزبري لحماية مواطنيها كجزء من مسؤوليتها. بينما الحكومة السورية، على العكس من ذلك وكما سمعنا اليوم، تهاجم مواطنيها وتقصفهم بالغازات. ومع ذلك فإن القاسم المشترك بينهما، ويؤسفني أن أقول ذلك، هو رفض روسيا أن تضطلع بمسؤولياتها كإحدى الدول الخمس دائمة العضوية من أجل منع استخدام أسلحة الدمار الشامل، ودعمها المتهور لقيام وكلائها وحلفائها باستخدام أسلحة الدمار الشامل.
لسنا نحن من نريد عزل روسيا بل هي تعزل نفسها بنفسها من خلال عدم انضمامها إلى الأغلبية في مجلس الأمن لإيجاد سبيل يخلو من الجدلية ويعالج استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين في سورية. لقد أتى السفير الروسي على ذكر أصدقاء الولايات المتحدة. والحكومة البريطانية وشعبها يفخران بأن يكونا صديقا للولايات المتحدة. إننا نقف إلى جانب كل من في مجلس الأمن ممن يريدون إيجاد سبيل بشأن مشكلة الأسلحة الكيميائية وتشكيل بعثة لتقصي الحقائق، وإجراء تحقيق مناسب كخطوة أولى تجاه إنهاء هذا الصراع المروع.
Updates to this page
تاريخ النشر 10 أبريل 2018تاريخ آخر تحديث 10 أبريل 2018 + show all updates
-
Added translation
-
Added location
-
First published.