دعم مستقبل سورية والمنطقة
الكلمة الافتتاحية التي ألقتها وزيرة التنمية الدولية بيني موردنت في مؤتمر "دعم سورية والمنطقة" المنعقد في بروكسل.
أود أن أشكر الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة على استضافة هذا المؤتمر اليوم، ولتواجدهما هنا في هذا الوقت العصيب بالنسبة للشعب السوري.
في مثل هذا الوقت من العام الماضي بدأ زميلي وزير الخارجية خطابه بإدانة الاعتداء المروع بالأسلحة الكيميائية على المدنيين الأبرياء في سورية.
واليوم لا بد لي أن أبدأ ثانية بإدانة الهجوم الوحشي بالأسلحة الكيميائية على مدنيين أبرياء، بمن فيهم ذلك أطفال صغار، في دوما.
يبدو واضحا أن لدى النظام السوري القدرة والنية على استخدام الأسلحة الكيميائية ضد شعبه.
ومن الواضح أيضا أن النظام السوري والداعمين له، روسيا وإيران، سيحاولون منع كل مسعى ديبلوماسي لتحميل النظام المسؤولية عن تكتيكاته المقيتة وغير الشرعية.
ولهذا السبب، فإن المملكة المتحدة، بالاشتراك مع حلفتيها الولايات المتحدة وفرنسا، قد اتخذوا إجراء عسكريا منسقا ومحدودا استهدف قدرات الأسلحة الكيميائية للنظام السوري من أجل تخفيف المعاناة الإنسانية.
موقف بريطانيا واضح من أنه لا بد لنا أن ندافع عن النظام العالمي القائم على القوانين الذي يحمي سلامتنا جميعا. وأنا أرحب بالتأييد الواسع الذي تلقيناه من المجتمع الدولي وكذلك في مؤتمرنا اليوم.
إن استخفاف روسيا بالأعراف والقوانين الدولية يشكل تهديدا خطيرا للنظام العالمي الذي نعتمد جميعا عليه من أجل أمننا الجماعي.
وباستخدام روسيا حق النقض الفيتو اثنتي عشرة مرة بشأن سورية في مجلس الأمن، فقد أعطت بذلك الضوء الأخضر للأسد لأن يرتكب اعتداءات فظيعة ضد شعبه تعتبر انتهاكات لحقوق الإنسان.
لقد قصف هذا النظام عمدا المدارس والمستشفيات.
وهو نظام استخدم قرابة سبعين ألف برميل متفجر، في كثير من الأحيان ضد أهداف مدنية.
إنه نظام يحاول أن يجوّع شعبه لحد الموت لإجباره على الخضوع، وهو يستهدف موظفي الإغاثة والمستجيبين لنداءات الطوارئ الذين يهرعون إلى مواقع الاعتداء لتقديم المساعدة.
ودعونا لا ننسى. إنه نظام يستخدم الاغتصاب كأحد أسلحة الحرب.
فحوالي ثمانية من كل عشرة أشخاص ممن اعتقلهم النظام قد أبلغوا عن تعرضهم للعنف الجنسي.
ونحن هنا اليوم لمعالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة في سورية وفي المنطقة الأوسع، ولكن الحل الوحيد لإنهاء تلك المعاناة هو تسوية سياسية تأتي بالسلام.
ولهذا السبب ستستمر المملكة المتحدة بدعم العملية التي تتم بوساطة الأمم المتحدة باعتبارها المسار الأضمن نحو السلام.
ونحن نثني على هيئة التفاوض السورية المعارضة لإبدائها الاستعداد للدخول في مباحثات سلام مباشرة مع النظام – دون شروط مسبقة.
وندعو روسيا وإيران لأن يستخدما نفوذهما لدفع النظام إلى طاولة المفاوضات.
فكلما طال التأخير كلما قتل المزيد من الناس، وكلما حل المزيد من البؤس والدمار بسورية.
ولحين حدوث ذلك، علينا أن نستمر في الدفع من أجل المزيد من الدعم الإنساني لمساعدة المدنيين في سورية، واللاجئين السوريين في المنطقة.
ويسعدني أن أرى أن شركاءنا، وبوجه خاص الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا والنرويج والاتحاد الأوروبي، يستندون على الالتزامات التي تعهدنا بها في مؤتمر لندن بشأن سورية.
ولا بد أن أشيد بتضحيات ومساهمات أصدقائنا في الأردن ولبنان وتركيا، وكذلك بالجهود البطولية التي يبذلها السوريون العاديون لإنقاذ الأرواح في أبشع الظروف التي يمكن تخيلها.
ومع تفاقم مسار الحرب السورية، فإن مصالحنا الجماعية بأن تستقر وتزدهر المنطقة قد ازدادت. إن صمود الأردن وازدهاره في غاية الأهمية لمصالح المنطقة على المدى الطويل.
ولهذا السبب ستستضيف المملكة المتحدة مؤتمرا دوليا مع الأردن في لندن في وقت لاحق هذا العام، وذلك لإظهار خطط الإصلاح الاقتصادي في الأردن، وتطلعه لبناء وتمكين قطاع خاص نشط، ولحشد الدعم من المستثمرين والمانحين الدوليين.
لقد لمسنا كرما بالغا خلال السنوات السبع الماضية، ولكن الآن ليس هو الوقت المناسب لكي ندير ظهورنا. فالاحتياجات الإنسانية للشعب السوري لا تقل فداحة عما كانت عليه في أي وقت مضى.
وقد رصدت المملكة المتحدة بالفعل مبلغ 2.46 مليار (جنيه إسترليني) للأزمة في سورية.
واليوم سنلتزم بإنفاق 450 مليون جنيه إسترليني في 2018 و300 مليون جنيه إسترليني في 2019. وسيكون ذلك بالإضافة إلى دعمنا للمخيم الثاني اللاجئين الذي يشيّده الاتحاد الأوروبي في تركيا.
إلا أن موقف المملكة المتحدة واضح دائما بأننا سوف لن نوفر أية مساعدة لإعادة الإعمار ما لم يحدث انتقال سياسي فعلي. فلو قمنا بغير ذلك، فسنغامر بتقوية النظام وأفعاله الهمجية.
ولكن مؤتمر اليوم لا يمكن أن يقتصر على التعهدات بدفع الأموال. إذ ينبغي أن نرى أفعالا ملموسة تؤدي لتوفير المزيد من الحماية للمدنيين ولموظفي الإغاثة.
لأنه في الوقت الذي نتحدث فيه الآن، تُحجب المساعدات الإنسانية عن الأهالي الجائعين من قبل نظام يرفض الاعتراف بالقوانين الإنسانية الدولية، ولأن المدنيين، بمن فيهم موظفو الإغاثة وأولئك الذين يقدمون المساعدة على الخطوط الأمامية للقتال، يتعرضون للهجوم.
تعتبر سورية اليوم أحد أخطر الأماكن في العالم بالنسبة لموظفي الإغاثة والطواقم الطبية. إذ لا يقتصر الأمر على منع وصول إمداداتهم وتجهيزاتهم، بل أنهم يتعرضون أنفسهم للاستهداف بالقصف مجددا بينما هم يساعدون ضحايا القصف الأول نفذه نظام يتحدى كافة قوانين الحرب.
وحسب تقارير أوردها اتحاد جمعيات الرعاية الطبية ومنظمات الإغاثة، فإنه قد تم قصف خمسة مستشفيات وأخرجت من الخدمة في غضون 24 ساعة في الغوطة الشرقية في شهر فبراير/شباط.
وكان الضحايا هم المرضى ومقدمو الرعاية الطبية.
علينا أن نساند هؤلاء الضحايا المدنيين.
ولهذا، فإن الحكومة البريطانية تطالب أن تلتزم كافة الأطراف المتحاربة بمعاهدات جنيف بشأن حماية المدنيين وغيرهم من غير المقاتلين.
ونحن ندعو إلى وقف فوري لإطلاق النار وتأمين الدخول الفوري لموظفي الإغاثة والأطقم الطبية الشجعان لكي يقوموا بعملهم بمساعدة أولئك الذين هم في أشد الحاجة للمساعدة دون خوف من تعرضهم للاعتداء.
دعونا نحمي الشعب السوري، والذين يقدمون المساعدة هناك، فيما نعمل معا لوضع سورية على الطريق نحو السلام.